الاثنين، 30 يونيو 2014

يوم فى الجنة








كان اليوم هو بداية اعتيادى على مكانى الجديد .. فأنا هنا منذ ما يقرب من عام .. 
ولكنى لم أتعرف على كل هؤلاء الاشخاص الذين تجدهم محببون الى نفسك أكثر من 
نفسك وعلى الرغم من عدم درياتك الكاملة بهم .. الا انك من النظرة الاولى تقع ف غرامهم.. ولا تعرف لماذا .. تملأ عيونهم الراحة والسكينة وتجدهم يعيشون جميعا فى انسجام وحب وتآلف .. وبرغم خوفى من عندم التكيف معهم الا اننى وجدتنى واحداً منهم ..

انتظرت ذلك اليوم بفارغ الصبر .. فها انا ذا أحل لغز سر انجذابى لتلك المجموعة من البشر التى استقبلتنى بالبشر والترحاب فى أول يوم لى والى الان..ولم تسنح لى الفرصة للتحدث معهم للتعرف على قصتهم .. بتفاصيلها .. فكل منا يعرف من اين اتى الاخرين وكيف اتوا .. ولكن تبقى التفاصيل مبهمة..

واليوم قد حُددت جلسة خاصة لجميعنا حتى يبدأ كل منا بسرد قصته .. كم انتظرت هذا اليوم .. الذى أعرف فيه أكثر عنهم .. ويعرفون أكثر عنى ... كم تمنيت أن أرى تلك اللمعة فى عيونهم عندما أقص عليهم ماذا حدث لى ... وكم عانيت من أجل أحبائى وكم تألمت أمى لفراقى وكم صمد رفاقى من بعدى وكم تظاهروا بالقوة وهم أضعف ما يكون ..وكم تحدثت عنى وعن من جاءوا معى الى هنا الصحف والقنوات .. وكم رسم وجوهنا الفنانون فى ميادين مصر تذكرة ً للناس بدورنا ..وكم حزنت على فراق حياتى .. وكم عوضنى الله بخيرا منها ..فلم أتوقع أن تأتيك السعادة الكاملة فى لحظة واحدة .. تأتيك مفاجأة ً وتبقى أحلى المفاجأت .. كأن الله خبأ لك أحلى أجمل من كل توقعاتك .. فأنا صمدت وعانيت وتماسكت .. وآمنت بحلمى .. فاستندت الى من شاركونى فيه .. وقوينا ببعضنا البعض .. حتى كدت أن أفقد الأمل .. ولكن الأمل لم يفقدنى ..

بدأت فى سرد قصتى وكنت من أوائل المتحدثين لأنى من أجدد القادمين .. وجدتنى أبتسم ولا أجد حرجا فى قص حكايتى بأدق تفاصيلها .. بل أجدنى فخورا بنفسى وبما صنعت .. فلم أكن أتوقع اننى سأكون يوما ما بطلا يتغانون به .. وله

وجدتهم يبتسمون وفى عيونهم تقدير لى ..وثقة وارتياح وتشجيع وانبهار ..
انتهيت .. واعتدلت فى جلستى .. وانا كلى حماس لأسمع قصصهم بتفاصيلها .. عسى أن يزدادوا تقديرا ف عيونى .. وكنت على ثقة تامة بأنهم أناس على قدر كبير من الاحترام والاجلال والمكانة الراقية .. هناك وهنا .. فحقا .. " سيماهم فى وجوههم "

أخذ كبيرهم نفسا عميقا .. وقال : والان جاء دورنا ..
فابتسم الجميع وقال أحدهم .. ولكن قصتنا تختلف عنك .. فنحن أكبر سنا وأكثر عددا منك أنت ورفاقك .. ولذلك سنولى أحدنا سرد قصتنا عليك
لأننا جميعا قصة واحدة 
يالله العجب .. فهمت أنهم جاءوا مع بعضهم وما أجملها من صحبة تنتقل معك دائما ولا تفارقك ..

بدأ أحدهم الحديث .. وكنت كمن على رأسه الطير .. لا أتحرك ولا أرمش .. وينتابنى تركيز هائل فى كل حرف يخرج من فمه ..أخذ يسرد ويسرد وكلما تعمق .. ازددت مفاجأةً وازددت حماسة ً لمعرفة المزيد ..كان يحكى بثقة كبيرة وفخر شديد أكثر مما أنا كنت عليه .. وكان يبتسم كلما لمح ف عيونى المفاجأة ولمعان الدهشة .. وكان يكمل فيزيدنى دهشة .. حتى كدت أن اقوم فأحتضنهم جميعا  .. فقد ازدادوا جمالا ووقارا فوق جمالهم ..

لم يخطر ببالى اننى سأقابل أمثالهم يوما ما .. ولكن الطيور على أشكالها تقع .. وقد رزقنى الله مكاناً عامراً بأمثال هؤلاء .. لأن هذا المكان هو الافضل على وجه الخليقة ..فهو خُلق لهم ولأمثالهم ..

كانت قصتهم تشبهنى الى حد بعيد .. باختلاف التفاصيل .. ولكن المعاناة والفراق .. والبكاء .. والألم .. ووداع الأحباء .. والشوق لهم .. والسفر الطويل .. والمكان الجديد .. والرحلة بأكملها تبقى واحدة

انتهى حديثنا .. وزاد ودنا .. واقتربنا من بعض أكثر .. روحاُ ووجداناً ..
وجلسنا نحتسى الشاى بجانب بعضنا البعض .. فأصبحنا الان سواسية باختلاف الرتب .. فهم مصريين مثلى .. مجاهدون محاربون مناضلون ..
وقفوا ف سيناء لقتل عدو الوطن .. كما وقفت أنا ف التحرير أنادى بحريته ..
فأنا وهم كتبنا تاريخ وصنعناه .. وحصدناه ف الجنة


*بتاريخ 2012*
فى الذكرى الأولى للثورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق