الثلاثاء، 1 يوليو 2014

أصبحت أجمل !






أعتدنا على حدوث مثل تلك الأشياء فى هذه الأوقات وأعتدنا على سماعها من المحيطين بنا من أناس.. أناس تكبر , وتنضج , وتختبر مشاعر مختلفة طوال فترة حياتها .
أعتدت أن أسمع تلك القصص وأستمتع وأضحك أو ربما أشارك الراوين التفكير فى كيفية التعامل معها , ولكن الحقيقة لم أظن أنها سوف تحدث لى يوماً ما !
فالأشياء تكون لها مذاق مختلف حينما تكون بعيدة , ويكون لها مذاق أخر تماماً عندما تحدث لك أنت .. أو بالأحرى فى المقربين منك !

كانت عيناها لا تكف عن اللمعان كلما سمعت أغانى أم كلثوم صادرة من أى راديو , كانت تستمتع بها كإستمتاع جيلى لها , كانت ولأول مرة تخبر من حولها أنها أكتشفت أن هذه الأغنيات لها كلمات تدخل للقلب بعمق , كلمات لها معنى وتدخلك فى عالم أخر  !

كانت إبتسامتها الرقيقة تنبعث منها خفيةً ونحن جالسين كلما سرحت بخيالها , ثم تتبع هذه الإبتسامة بتنهيدة وكأنها تفصح عن وجع نزل بها وأتعبها , كانت تفكر كثيراً وكان التفكير يرهقهها ويكاد يفقدها عافيتها وشهوتها للطعام وللمزح واللعب وللحديث , كان يفقدها حياتها !
فهناك نوع مختلف من الإرهاق .. يسمى إرهاق " التفكير " ... لن تشعر بأثره برؤى العين , ولكن بمتابعة وملاحقة  للمعان العيون ... لتراقب الأنفاس .. وللشرود ..

كانت تقرأ كثيراً , تقرأ بشغف لم أره من قبل , وكأنها تهرب من شىء ما , أو ربما تهرب لشىء ما , لا أدرى ولكنها كانت تهرب ..
كانت تقضى معظم الوقت فى إدمان الكتب مع الموسيقى بمصاحبة أى مشروب , ولا تعبأ بالإختفاء لأيام فى غرفتها .. فى عالمها الخاص .

كنت ألاحظها وأتأملها يوماً بعد الأخر .. وأراها وهى تزداد جمالاُ فوق الجمال , وتزداد معه خوفاً .. وترقباً .. وتفكيراُ !
كانت تتزين بزينة البساطة كل يوم قبل نزولها , كنت أراقب هذا التغير وأراقب جمالها الذى يعطى هذا التزين بريقاً أجمل وأرقى !
كان حديثها يزداد عمقاً يوماً بعد يوم , لطالما سألت نفسى " متى نضجت هكذا تلك الفتاة ؟"
كان حديثها جذاب راقى , طيب المعنى , كان يبهرنى بها أكثر وأكثر .. وكأنها كل يوم تزداد حُسناً .

ويوم مولدها التاسع عشر أدركت إجابات كل أسئلتى وأدركت تفسيراً لكل هذا التغير الطارئ عليها ..
خفت .. قلقت .. وشعرت شعوراً مختلفاً هذه المرة .. لطالما سمعت عن حدوث تلك الأشياء فى مثل هذه الأوقات ولكنها هذه المرة لها مذاق مختلف .. لأنها تحدث لك !
كبرت أبنتى .. كبرت وأصبحت فى عامها التاسع عشر .. كبرت و" أحبت" فلمعت عيناها , فابتسمت خفيةً بين حين وأخر , فتنهدت , فأرهقها التفكير , فهربت للقراءة , فنضجت , فتزينت , فأصبحت أجمل ..
أحبت أبنتى .. فأصبحت أجمل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق