الثلاثاء، 1 يوليو 2014

أوعى تخاف !






هُناك .. بعيداً .. فى داخلك .. شعور ما .. يؤرِّق ويؤذى ويُتعِب .. شعورٌ  مازال ولا يزال يجعلك تقف مكتوف الأيدىتنتظر تترقب تخسر كل تلك الفرص التى تأتيك تبتعد عن معانى الحياة تبتعد ..
بعيداً .. هُناك .. فى داخلك..

أقف الآن خلف المسرح .. صوت هذا الرجل يبدو مُفزعاً بالنسبة لى .. يتكلم بحماسة غير مسبوقة .. يُقدم هذا الحفل الهائل أمام الآلاف بتلك الثقة , يتحدث بلا خوف .. بلا تردد .. بلا تفكير طويل ممل.. بينما أقف أنا أتذكر ذلك الشعور السخيف بداخلى أمقته أكرهه بل وألعنه فى سرى .. أحاول جاهداً تكرار ما سألقيه على كل هؤلاء .. كل من أتوا ليحتفلوا بى ليرونى ليستمعوا لكلماتى ليقارنوا الواقع بالخيال الذى رسموه عنى فى أذهانهم , فهم جاءوا ليستمتعوا , ليقضوا أوقاتاً لطيفة غير عابئين بما تحملته أنت من قلق و ضغط وأرق إستعداداً لهذا اليوم حتى تقتل ذلك الشعور , غير عابئين بما عانيته من قبل وبما مررت به لتحاول جاهداً التخلص مما تحمله فى قلبك وعقلك ويرافقك منذ زمن ولا يغادرك .

والآن رحبوا معى بالكاتب الحائز على أفضل رواية لهذا العام ... "
قالها وتراجع للخلف ليتيح لى الفرصة بأن أخرج أنا من خلف الستار , قالها بإرتياح وبثبات لينتهى منها ولا أسمع بعدها سوى تصفيق حاااد .. تصفيق يزدادا علواً .. يزداد ويزداد .. الصوت يرن فى أذنى .. صوت قوى يرج المكان .. يرج كيانى .. لماذا لا يتوقفون ؟ لماذا لا يزالون بهذا الحماس ؟ قاربت على نصف الدقيقة وأنا أستمع لهذا التصفيق الذى لا يخرس وكأنه قرر أن يصم أذنى ..
أتحرك على أنغامه أتقدم نحو منتصف المسرح على تلك التصفيقات التى مازالت تتعالى .. أتقدم لأرى أناساً يقفون وآخرون يصورون فى دهشة وعجل .. أتقدم أكثر .. أتذكر كل المواقف المشابهة , أتذكر مواقف أقل رهبةً من هذا , أتذكر كيف خذلت من حولى وخذلت نفسى قبلهم , أتذكر كم المرات التى أخذت على نفسى عهوداً ألا يحدث ذلك مجدداً , أتذكرنى .. وأتقدم أكثر نحو ذلك الصغير الذى يجعل الكون يسمع صوتك ..

"شكراً جزيلا "
قلتها بصوت مرتجف .. أعدتها مرتين حتى حلّ الصمت على المكان ..صمت رهيييب ..
صمت كاد يقتلنى أكتر من صوت التصفيق !
صمت جعلنى لا أفكر فى أى شىء سوى هذا المزعج بداخلى ..
لماذا يظهر هذا الشعور فى أهم الأوقات ؟
لماذا ذلك الشعور لا نستثمره حتى نرتفع .. لا لنسقط ؟
لماذا  نخاف ؟ لماذا نسمح بذلك الشعور الداخلى أن يقتحم خارجنا بهذه الوحشية ؟
لماذا أسمح له بأن يُخسرنى كل من حولى .. يفقدهم ثقتهم بى .. يُبعدهم عنى , يثير شفقتهم علىّ .. يعطيهم الحق فى إبداء نصائح لا جدوى منها لماذا ؟
لماذا أسمح له يوماً بعد يوم أن يبعدنى عن الشخص الوحيد الذى دق قلبى له بصدق وتمناه ..

كانت الأسئلة تدور فى رأسى بلا توقف وبدأت العيون تستقر نحوى .. بدأ الإنتظار لكلماتى التى توقعوا أن تبهرهم تماماً كما فعلت الرواية ..

ربنا خلق جوانا الخوف .. عشان يخلينا نبقى أحسن .. عشان يخلينا نبعد عن الغلط ونقرب للصح .. الخوف بيعلمّ .. وعشان كدا بهدى ليكم روايتى ..  (أوعى تخاف)  ... شكرًا "
قلتها وانسحبت سريعاً نحو الكواليس ومن ورائى أصوات للتصفيق تعلو وتفوق المرة السابقة بمراحل .. تعلو وتعلو .. وكلما زادت علواً .. زادت الرعشة فى جسدى .. وزادت إبتسامتى .. وتذكرت قول طبيبى واجه عشان تتعلم واجه عشان ماتخافش اقولك ؟ ..اعمل اللى بتخاف منه ! "
تذكرتها .. دمعت عيونى .. ابتسمت من قلبى ..  تغمرنى السعادة .. أشعر بأن الأمر لم يكن سيئاً كما توقعت .. أشعر أن الأمر لا يستحق الخوف .. أشعر أننى أفضل .. وهذه هى فقط أولى محاولاتى فمابالك بالقادم !
أتقدم نحو غرفتى .. أتقدم مفرود البنيان وجبينى للسماء .. أخذت بباقة ورود من أحدهم ثم اتجهت لغرفتى .. تفحصت الورود فإذا بكارت صغير :
لا يوجود فى العالم من هو أسوأ من الشخص الذى لا يحاول .. شكراً لأنك كسرت خوفك من أجلى .. شكراً لأنك قررت العلاج وحاولت أن تواجه خوفكحتى لا تخسرنى .. أحُبك "
وكانت هذه أول مرة أتعرف على البكاء من شدة الفرحة .. وكانت أيضاً المرة الأولى التى أحاول .. أواجه .. ثم أفرح بل أرقص فرحاً .



هناك تعليق واحد:

  1. عجبنى اوووى وخصوصا الكلام عن معنى وسبب الخوف .. ربنا يكرمك يا شيماء .. وانا بتنبألك بمستقبل باهر :)
    استمررى وكلنا معاكى (Y)
    محمد عزاز

    ردحذف